بحضور رؤساء الطوائف وحشد من الشخصيات الرئيس الحريري يفتتح رسمياً المبنى الجديد لصندوق الزكاة ويحض كل المسلمين على التبرع لصالح صناديق الزكاة في لبنان
المفتي قباني: صرح حضاري شامخ كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء
الحاج الدبس: البناء من أموال الصـدقات... والزكاة حصراً لمستحقيها
افتتح رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري المبنى الجديد لصندوق الزكاة في لبنان بجوار دار الفتوى بحضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن وممثل للمطران الياس عودة الأب قسطنطين نصار والوزيران حسن منيمنة ريا الحسن والوزراء السابقين ليلى الصلح وحسن السبع وعمر مسقاوي والنواب عمار حوري ومحمد قباني وعماد الحوت وأمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي ورئيس المحكمة الشرعية السُنيّة الشيخ عبد اللطيف دريان ومفتيي المناطق وممثلين عن القيادات العسكرية وحشد من الشخصيات والفعاليات.
استهل الحفل بالنشيد الوطني ثم بتلاوة عشر من القرآن الكريم وقدم عريف الحفل القاضي الشيخ محمد عساف الذي اعلن عن تبرع الرئيس سعد الحريري بثلاثة ملايين دولار لصندوق الزكاة.
ثم القى رئيس مجلس امناء صندوق الزكاة الحاج عدنان الدبس كلمة جاء فيها: هذا الصرح الحضاري الذي منّ الله به على المسلمين في لبنان ليكون موئلاً للخير والعطاء. ولأننا نعمل على احياء فريضة الهية فقد آتت ثمار أطيافها السامية بان انشأنا مقراً لها.. يعنى بجمعها وانفاقها ضمن الضوابط والقواعد الشرعية يليق بشعائر هذه الفريضة وبالمسلمين في لبنان.
وقد وفقنا الله بأن رأى هذا الصرح النور ولم يصرف على انشائه أي مبلغ صغير أو كبير من مال الزكاة... بل ان كل ما ترونه امامكم هو من اموال الصدقات والهبات والتبرعات.. وتبقى اموال الزكاة لصرفها حصراً على مستحقيها.
ان الارادة القوية والعزيمة أتت من قناعتنا بمدى ضرورة ان يكون للمسلمين مركزاً حضارياً يرتادونه... سواء كانوا من الميسورين لاخراج حق الله في اموالهم.. أم كانوا من المعوزين لنقف على حاجاتهم ومتطلباتهم.
ان كل الانجازات تبدأ أولاً بفكرة.. ومشروعنا هذا بدأ بفكرة في عهد الراحل الدكتور مروان قباني رحمه الله تعالى وبدأ تحقيقها بوضع حجر الأساس في تشرين الأول 2004 م، برعاية اليد الكريمة يد والدكم الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله تعالى، إلى جانب سماحة مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني حفظه الله تعالى، وها هي الفكرة ماثلة امامكم صرحاً شامخاً.. وقد اصبح الحلم حقيقة.
لا بدُّ ان اشير إلى ان هذا الانجاز لم يكن ليتحقق لولا توفيق الله عزّ وجلّ ورعايته، ولولا وقوف الذين ملأ الله قلوبهم خيراً وعطاء وتضحيات والذين مدوا ايديهم بالخير.. فمنهم من تبنى طابقاً ومنهم من جهز قاعة ومنهم من تبرع بتكاليف غرفة أو مكتب ومنهم من قدّم التبرعات العينية أو النقدية.. ونخص بالذكر على سبيل المثال لا الحصر..
الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله تعالى وابنه البار دولة الرئيس سعد الحريري بتبرع سخي متنوع البصمات في المبنى.
جمعية العزم والسعادة بشخص دولة الرئيس نجيب ميقاتي وشقيقه السيد طه ميقاتي الذين تبرعوا بالطابق الخامس كاملاً.
مؤسسة الوليد بن طلال الانسانية ممثلةً بمعالي الوزيرة السيد ليلى رياض الصلح حمادة الذين تبرعوا بالطابق الأول الذي يضم هذه القاعة بكافة تجهيزاتها.
المحسن الحاج عبد الرحمن سعود الذي تعهد الطابق السادس كصدقة جارية عن نفسه وعائلته.
وواجب الوفاء يدعوني لاستذكار المساهم الأول في التبرعات العينية لدى بدء الانشاءات عنيت به المرحوم الحاج كمال الطبش وعائلته من بعده الذين تبرعوا كذلك مجدداً بأكلاف نصف الطابق الأرضي تقريباً.
إلى جانب العديد من أهل الخير والبِّر الذين وهبوا للمبنى مالاً ومولدات ومواد ومضخات واثاث وغير ذلك والكل يستلهم الحديث الشريف: «ما نقص مال من صدقة».
وتحدث مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني فقال: إن لقاءنا اليومَ معَكّم، في هذه الأمسية المُباركة، وبمناسبةِ افتتاح المبنَى الحضاريِّ الجديد، لصندوق الزكاة في لبنان، يذكَّرُنا بلقاء الأمس القريب منذُ سنوات قليلة، يومَ أن وضَعَ الرئيسُ الشهيد رفيق الحريري رحمَهُ الله تعالى، حجَرَ الأساس معَنا لهذا المبنى الجديد، الذي أرادّهُ الرئيسُ الشهيد شامخاً لصندوق الزكاة في لبنان على قدر آمالِهِ الكِبار، ليكونَ كشجرةٍ طيَّبةٍ أصلُها ثابت وفرعُها في السماء، تُؤتي أكُلَها كلَّ حين بإذن رَبِّها، بمساعداتٍ خيريةٍ للأرملة والفقير والمسكين، والغارم وابن السبيل، حياتياً وصحياً وتربوياً واجتماعياً، وكأنِّي بالرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمَهُ الله لحظةَ وضَعِهِ حجرَ الأساس يومَها كانَ فرحاً ومسروراً ضاحكاً ومستبشراً وكأنَّهُ في يوم افتتاح المبنى لا في يوم وضع حَجَر أساسِهِ، من شِدَّةِ عزيمتِهِ على سُرعةِ الإنجاز، لأيِّ مشروع يخدِمُ الناسَ ومستقبلَ الأجيال.
دولةَ الرئيس سعد الحريري، يا ابنَ الرئيس الشهيد رفيق الحريري إنَّهُ ليسَ من قبيل المصادفة، بل من قبيل موافقاتِ القدَر الحكيمة، التي شاءَها اللهُ عزَّ وجَلّ، أن يضَعَ والدُكَ رحمهُ اللهُ تعالى حجَرَ الأساس لهذا البناءِ الشامخِ لصندوقِ الزكاة في لبنان، وأن تفتَتِحَ أنتَ اليومَ بيَدِكَ ما وضَعَ والدُكَ حجَرَ أساسِه، والمعنى الكبير الذي أُريدُ أن أقولَهُ في هذه المُقاربة، هوَ أنَّ والدَكَ الرئيسَ الشهيد قد بدأ مسيرتَهُ وأسَّسَها بعزيمةِ الأبطال، وأنتَ اليومَ تُكمِلُها وتُتابِعَها بعزيمةِ الرجال، وبحكمة القادةِ الأبطال.
ولَكَم كانَ والدُكَ رحِمَهُ اللهُ تعالى يا دولةَ الرئيس، يتَمَنَّى أن يُدركَ معنا ومَعَكَ هذا اليومَ وهذهِ اللحظةَ بالذَّات، إلاَّ أنَّ اللهَ تعالى حقَّق أمنيَتَهُ وهو في دار الرحمةِ والبقاء، بافتِتاحِكَ أنتَ اليوم هذا الإنجازَ الكبير لصندوق الزكاةِ في لبنان، فأكمِلْ مَسيرةَ والدِكَ الوطَنيةِ والعُمرانيةِ لوطنكَ لُبنان، التي ينتظُرها اللبنانيونَ الأوفياء، ولاَ تَهولَنَّكَ أبداً، كما لا تَهولَنَّا نحنُ بإذنِ الله، العقباتُ مهما بلَغَت، ولا الأفخاخُ والمَطَبَّاتُ مهما كَثُرت، ولا محاولاتُ الإفشال والتَّهويلات، فإنَّها كلَّها من كَيدِ الشيطان، وقد منَحَنا اللهُ القوةَ لمواجهةِ كَيدِ الكائدين، فقال لنا في القرآنِ الكَريم: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، وهيَ أيضاً منَ المَكر السَيِّء، وقد مَنَحنَا اللهُ القوةَ أيضاً لمواجهةِ المَكر السَيِّء وأهله، وطمأنَنا اللهُ على ذلــكَ فقـــالَ لنــا في القــُرآنِ الكريــم: «وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ».
وكم هي عظيمةً أيها الأخوة، كم هي عظيمةٌ الحكمةُ الإلهيةُ من فريضة الزكاة، في توجيهِ المسلمين بالزكاة نحوَ التعاونِ والتكافل فيما بينَهُم على عمل الخير والعطاء وبناءِ المجتعات، وكم من درس لنا في هذا التَوجيه، في تركِ ما يفرِّقُ وحدَتَنا، وفي الأبتعاد عمَّا يهدِمُ بُنيانَنا، من قولٍ وعَمَل، وكم من درس لنا في هذا التوجيه، في العودة دائماً إلى الله، وتغليبِ لغةِ العقل والمنطق والحكمة، في كلِّ شؤونِ بلادنا مسلمينَ ومسيحيين، رحمةً بلبنان، ورحمةً باللبنانيين، الذين ينتظرونَ مِنّا ومنكُمُ الكثير.
رَحِمَ الله دولةَ الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ومؤَسِّسَ صندوق الزكاةِ المفتي الشهيد الشيخ حَسَن خالد، والشيخ الدكتور مروان قباني رئيس أولِ لجنةٍ لصندوقِ الزكاةِ في لبنان، وَوَفَّقَ الله مجلس أمناء صندوق الزكاة، وكلَّ أهل الخيَر المُزَكِّين والمُتَصَدِّقين، وكلَّ الذين ساهموا في هذا البناء الجديد، من غير أموالِ الزكاة، ووفَّقَكُمُ اللهُ يا دولةَ الرئيس لخدمةِ المسلمينَ واللبنانيينَ جميعاً.
واختتم الحفل بكلمة لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري جاء فيها:
هذا الصندوق، كما ذكر سماحة المفتي وضع الرئيس الشهيد رفيق الحريري الحجر الاساس له. ولكن كم من المباني التي وضع لها الرئيس الشهيد الحجر الأساس وأنا أرفع الستائر في افتتاحها. فالرئيس الشهيد كانت حياته عطاء وهذا ما يجب أن نقتدي به. وكل من تبرع لهذا المبنى فإن المسلمين سيدعون له من اليوم وحتى يوم القيامة، لأنه بالفعل هذا العمل الذي نقوم به ليس لكي نفيد منه إعلامياً، بل هو لمساعدة الفقراء والمساكين الذين يحتاجون إلى كل قرش نستطيع أن نمنحه لهم.
وأنا أشكر كل من تبرع لهذا المبنى وغيره من التبرعات، كما أحض كل المسلمين على التبرع لكل صناديق الزكاة في لبنان. واشكر سماحة المفتي قباني والشيخ عبد الأمير قبلان والشيخ نعيم حسن ومفتيي المناطق والأمناء على الصندوق لحسن إدارته، وان شاء الله نلتقي في المستقبل ونضع الحجر الأساس لمشاريع أكبر وأكثر.
وقدّم الدبس إلى رئيس الحكومة درع صندوق الزكاة «عربون محبة وتقدير».