الجهة الأمينة الصالحة

الثلاثاء ١٨ آب ٢٠٠٩

"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ" (التوبة:103)

الزكاة هي ركن أساسي من أركان الإسلام وعبادة من عباداته، التي فرضها سبحانه وتعالى لإيجاد الترابط بين الناس والتراحم والتكافل فيما بينهم، وجعلها حقاً للفقير على الغني بلا منّة. إنها عبادة يتقرب بها المسلم إلى ربه ويزكي بها نفسه وماله. وتتميز هذه الفريضة بانعكاساتها الإيجابية على الجوانب الروحية والأخلاقية والاجتماعية والإنسانية والسياسية للناس في مجتمعهم ووطنهم.
وقد ركَّز الإسلام على إقامة هذه الفريضة التي تعتبر من أعلى درجات التكافل الاجتماعي، بهدف القضاء على الفقر واستئصال العوز وتيسير العيش للفقير، وتُعين المسلم على البر والإحسان:
"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ" (الأعراف: 156)

والمهم ليس تحصيل المال، بل في أي اتجاه يصرف هذا المال، وهنا تكمن أهمية دور صندوق الزكاة في لبنان، الذي نعتبره واحة في صحراء قاحلة، وزاداً لجوع الكثيرين، ودواءً لآلام وأوجاع المحتاجين إلى الخير والاهتمام في هذا الزمن المليء بمصاعب الحياة.
وقد شكَّل الصندوق منارة في العمل التكافلي الخيري. وأثبت مصداقية عالية، كيف لا ودار الفتوى هي الجهة المشرفة عليه، يعطي المحتاجين والمتعففين وذوي الحاجات، ويرعى شؤون المواطنين بصدق خالص ومحبة مطلقة. لقد كان هذا الصندوق طوال السنوات الماضية وفياً للمُثل التي وُجد من أجلها، وأميناً على الأهداف التي سعى إليها، فإنه إلى جانب توزيع أموال الزكاة على مستحقيها، فإنه بتعامله السامي زرع الثقة في نفوس المسلمين الذي يسعون إلى تطبيق ركن الزكاة بأنه الجهة الصالحة لذلك.
ولا ننسى هنا اليد البيضاء التي كان لها الفضل في إطلاق صندوق الزكاة في إطار دار الفتوى وتفعيله، المفتي الشهيد حسن خالد، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه، والذي تواصل عطاءه في عهد مفتي الجمهورية اللبنانية سماحة الشيخ الدكتور محمد رشيد راغب قباني حفظه الله. إن هذا الصندوق يجسد تأصيلاً لقيم العمل الخيري في لبنان، يدار بحكمة وبتبصر. وإنني أثني وأقدر جميع الجهود المبذولة لتطوير عمل الصندوق، وأبدي مساندتي ودعمي الكبيرين لمسيرته وتفعيل دوره والبرامج الشرعية التي يقوم بها.
وإنني إذ أشكر القيمين على صندوق الزكاة لإتاحتهم لي الفرصة لأوجه كلمة أعبّر فيها عن مشاعري وما يختلج في قلبي وضميري تجاه هذه المؤسسة الكبيرة بنُبل مسعاها، والعظيمة بإنجازاتها، والتي نعتز ونجلّ. وأدعو الله عزّ وجلّ أن يكون لها وللقيمين عليها عوناً في مسيرة العطاء والخير والإحسان، وليجزاكم الله الجزاء الأوفى. ومؤكداً على مساندتي الكبيرة لهذا الصندوق طاعة وتقرباً لله عزّ وجلّ، وبراً وإحساناً لجميع من له حاجة.
بارك الله جهودكم وجزاكم خيراً، ومدّكم بالقوة والعزم على متابعة المسيرة.

معالي الأستاذ عدنان القصّار
رئيس الاتحاد العام للغرف العربية